
قصة مثيرة تحمل في طياتها دروسًا هامة حول الابتكار، وكيفية التأقلم مع التغيرات التكنولوجية، وكيف يمكن للشركات الكبيرة أن تواجه تحديات ضخمة إذا لم تكن مرنة بما يكفي.
جدول المحتويات
تأسيس الشركة وبداياتها
تأسست شركة كوداك في عام 1888 على يد جورج إيستمان، وهو رجل أعمال أمريكي وُلد في نيويورك. كان هدف إيستمان هو جعل التصوير الفوتوغرافي متاحًا للجميع، بدلاً من كونه محصورًا على المحترفين والأثرياء. حتى ذلك الحين، كانت عملية التصوير معقدة ومكلفة للغاية.
أطلق إيستمان شعار كوداك الشهير “أنت اضغط على الزر، ونحن نتولى الباقي” (You press the button, we do the rest). وبالفعل، حققت الشركة نجاحاً كبيراً من خلال تقديم أول كاميرا محمولة وسهلة الاستخدام مع فيلم ملفوف، مما جعل التصوير الفوتوغرافي جزءًا من حياة الناس اليومية.
النمو والازدهار
في العقود التالية، أصبحت كوداك علامة تجارية رائدة في مجال التصوير، حيث سيطرت على سوق الأفلام والكاميرات. في ذروة نجاحها في الستينيات والسبعينيات، كانت الشركة تسيطر على حوالي 90% من سوق الأفلام الفوتوغرافية و85% من سوق الكاميرات في الولايات المتحدة. كانت كوداك رمزًا للابتكار، حيث قدمت العديد من المنتجات المميزة كالأفلام الملونة وأفلام “كوداكروم” (Kodachrome)، التي اعتُبرت من أفضل الأفلام الفوتوغرافية في العالم.
إقرأ أيضا:كاميرات التصويرالاختراع الذي غير العالم
في عام 1975، قام مهندس شاب في كوداك يُدعى ستيفن ساسون (Steven Sasson) بتطوير أول كاميرا رقمية. لكن المفارقة تكمن في أن كوداك نفسها لم تدرك تمامًا الإمكانات الكاملة لهذا الاختراع، حيث اعتقدت أن الكاميرات الرقمية ستقوض سوق أفلامها التقليدية، لذا أهملت تطويره.
كانت استراتيجيتهم تعتمد على الحفاظ على السوق التقليدي لفيلم التصوير، حيث كانوا يحققون أرباحاً ضخمة منه. لكن، هذا القرار أدى لاحقًا إلى مشاكل كبيرة للشركة.
الانهيار: بداية السقوط
مع بداية التسعينيات، بدأت التكنولوجيا الرقمية بالانتشار، وأصبحت الكاميرات الرقمية تتطور وتُصبح أكثر سهولة وشعبية. في حين كانت الشركات المنافسة تُركز على التكنولوجيا الرقمية، بقيت كوداك متمسكة بالأفلام التقليدية. لم تستثمر بما يكفي في تطوير الكاميرات الرقمية، وبدلاً من ذلك حاولت إبطاء انتشارها.
في عام 2000، بدأت كوداك بإطلاق كاميرات رقمية، لكنّها كانت متأخرة في دخول السوق، حيث كانت شركات مثل كانون ونيكون وسوني قد أخذت حصة كبيرة من السوق. وبحلول منتصف العقد الأول من الألفية، انخفضت مبيعات الأفلام التقليدية بشكل حاد.
إفلاس كوداك
في عام 2012، وبعد سنوات من الخسائر المالية، أعلنت كوداك إفلاسها وطلبت الحماية من الدائنين. هذا الإعلان كان علامة فارقة في تاريخ الشركة، مما اضطرها إلى إعادة هيكلة أنشطتها وبيع بعض من براءات اختراعها لتغطية التزاماتها المالية.
إقرأ أيضا:الموجاتالعودة والتركيز على الأعمال الجديدة
بعد إعادة الهيكلة، تخلت كوداك عن قسم الكاميرات الاستهلاكية وركزت على الطباعة الرقمية، والتكنولوجيا البيولوجية (كالتكنولوجيا الحيوية)، وتطوير المنتجات الصناعية. في السنوات الأخيرة، حاولت كوداك أن تستعيد مكانتها من خلال التركيز على التقنيات الجديدة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنيات التشفير.
إقرأ أيضا:الفرق بين التعلم والتعليم: تفاصيل ومقارنةالدروس المستفادة من قصة كوداك
قصة كوداك تحمل العديد من الدروس للشركات في عصر التكنولوجيا، منها:
- الابتكار المستمر: حتى إذا كانت الشركة رائدة، عليها أن تستمر في الابتكار.
- المرونة والاستجابة للتغيير: عدم القدرة على التكيف مع التغيرات قد يؤدي إلى خسائر كبيرة، كما حدث مع كوداك.
- التخطيط للمستقبل بدون خوف: الاستثمار في التقنيات الجديدة قد يبدو مكلفًا في البداية، ولكنه قد يكون مفتاح النجاح على المدى الطويل.
خاتمة
قصة كوداك هي درس في كيف يمكن للشركات أن تخسر مكانتها بسرعة إذا تجاهلت الابتكارات التي قد تعيد تشكيل صناعتها.